المبادئ الحاكمة لتقديم المساعدات الإنسانية الدولية في الممارسة الدولية المعاصرة

     يتناول البحث المبادئ التي تحكم تقديم المساعدات الدولية الإنسانية أثناء النزاعات المسلحة، وفي حالات الكوارث الطبيعية، وتكمن أهمية دراسة تلك المبادئ  في أنها مبادئ أفرزتها الممارسة الدولية، مما يجعلها إحد الموضوعات المتطورة في القانون الدولي العام، فزيادة الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة التي تحيط بالإنسان دفع بموضوع البحث إلى واجهة الاهتمام العالمي، وقد تركز الاهتمام على البحث عن تحديد المعنى الدقيق لتلك المساعدات، حرصاً على عدم تداخلها مع غيرها من المفاهيم التي قد تتشابه معها مثل: التدخل الدولي الإنساني، والمساعدات الإنمائية الدولية، كما اقتضي تحديد معناها تبيان خصائصها الذاتية ولاسيما طابعها الاستعجالي، ودورها الاحتياطي إذ تقع المسؤولية الأولى للمساعدة الإنسانية على الدولة صاحبة الإقليم، كما تتميز المساعدات الدولية الإنسانية بخاصيتين قانونيتين، هما: ضرورة الحصول على رضا الدولة التي تقدم لها المساعدة، واعتبارها عملا مشروعاً طبقاً لقواعد القانون الدولي العام. وقد أفرزت الممارسة الدولية للمساعدات مجموعة من المبادئ التي ينبغي مراعاتها، ويمكن تقسيم تلك المبادئ إلى مبادئ أخلاقية تجد مصدرها في مبادئ الأخلاق والقيم التي تعارف عليها البشر، مثل مبدأ الإنسانية، ومبدأ الحياد. ومبادئ ذات مصدر اتفاقي، تشكل أساسا لمشروعية المساعدات الإنسانية الدولية، فلا يُتصور وجود مساعدات دولية مشروعة لا تراعي سيادة الدولة المتلقية للمساعدات، ولا تراعي أن تقدم إلى كل المحتاجين إليها بدون تمييز. لذلك يبدو من المناسب وضع ذلك كله في إطار اتفاقية دولية شاملة، تعالج مختلف أوجه المساعدات الإنسانية الدولية، وتترتب في إطارها التزامات واضحة ومحددة على الدول، والمنظمات الدولية، والمنظمات الإنسانية.